قال الإعلامي التونسي بقناة الجزيرة “محمد كريشان” إنّ كثيرا من «الـــــــرز» مع مصــر لم يفعل شيئا، قليله مع تونس كان يمكن أن يفعل الكثيــــر.
وأضاف في مقاله المنشور بصحيفة القدس العربي في عدد ها الأربعاء “المقصود بــ «الرز» هنا طبعا هو أموال دول الخليج العربية بعد أن اشتهر هذا اللفظ من تسريب لمحادثة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع أحد مساعديه استعمل فيها هو هذه الكلمة لوصف وفرة هذه الأموال لدى هذه الدول التي وقف معظمها مع انقلابه مؤازرا بالهبات والقروض والاستثمارات والودائع.”
وتابع “كريشان” أن “عشرات المليارات من الدولارات لم تغير قليلا أو كثيرا في اقتصاد مصر وبالتأكيد في عيش المصريين الذي يزداد ضنكا، كما يقولون هم أنفسهم قبل غيرهم. هذه المبالغ، التي ضختها بالخصوص المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت، بدت كمن سكب عطرا أراد به تغيير رائحة البحر فخسر عطره وظل البحر على حاله.”
وأكّد الإعلامي التونسي في مقاله الّذي اطلعت عليه “وطن” أن هذه الدول الخليجية لم تفعل مع تونس عُـشـُــر ما فعلته مع مصر، رغم أنه ما كان لمصر أن تقارن بتونس أهمية استراتيجية بالنسبة لهؤلاء. ومع ذلك، كان بإمكان هذا العشر أن يغير وجه تونس ويخرجها من ضائقتها الحالية. خمسة مليارات مثلا كانت يمكن أن تنعش فعلا بلدا أنهكته هذه السنوات الأخيرة واضـطراباتها السياسيـة والاجتماعية المتلاحقة.
وواصل “كريشان” مقاله ذاكرا أن “في تسجيل أخير وضع على شبكات التواصل الاجتماعي في تونس، نحت باللائمة شخصية عامة تونسية هي السيد عمر صحابو، الذي أكرر هنا أن الصحافة خسرته والسياسة لم تكسبه، على ثلاث دول خليجية سماها بالاسم هي السعودية والإمارات وقطر. قال إن الأولى لم يرجع من الزيارة الرسمية التي أداها إليها الرئيس قايد السبسي سوى بشيء رمزي للغاية، أما الثانية فلم تعد تقدم شيئا بعد أن خذلها قايد السبسي في مطلبها الملح بإزاحة حركة «النهضة» من المشهد التونسي، أما الثالثة فقال إنها لا تساعد إلا الجمعيات الخيرية وليس الدولة.”
واستدرك “وبغض النظر عن مدى دقة ما قاله السيد صحابو، و ضرورة تحري الأرقام الرسمية في هذا الشأن والتي من بينها ما قاله الرئيس التونسي في زيارته الأخيرة إلى الدوحة من أن قطر هي المستثمر الأول في بلاده، فإن هناك أسئلة لم يطرحها لا السيد صحابو و لا غيره وهي متعلقة كلها بالخذلان الحقيقي لتونس الذي أبدته دول غربية ذات علاقة تقليدية عريقة معها أولها فرنسا ثم إيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة. هذه الدول جميعها لم تقف مع تونس الوقفة التي كان يتمناها أهلها ومسؤولوها خاصة وأنه يُفترض، فعلا يُـفترض، أن هذه الدول متحمسة للتغيير الديمقراطي الذي تشهده تونس أكثر من الدول العربية والخليجية أساسا التي لم يقدم معظمها نفسه على أنه نصير الحريات وحقوق الانسان عكس أصدقاء تونس الغربيين الذين دخل بعضهم في إشكالات مع نظام بن علي حــــول هذه القضايا تحديدا.”
وأوضح الإعلامي التونسي أن لا أحد في تونس إرتفع صوته مقرّعا فرنسا وغيرها من الدول الغربية في تقصيرها الجلي عن مساعدة تونس جديا، رغم أن هذه الدول هي الأكثر وعيا أن من بين أسباب جنوح الشباب التونسيين إلى الهجرة غير النظامية وحتى الالتحاق بالجماعات الدينية الإرهابية هو تعثر التنمية وغياب الأمل في تحسن الأحوال ووضع حد لحالة البطالة والحرمان و التهميش. ومثلما سارعت معظم دول الخليج العربية لنجدة نظام السيسي اقتصاديا لاعتقادها الراسخ بأن أمن الخليج من أمن مصر و أن مصر القوية صمام أمان لهم في المنطقة، و هو ما أمتـــُــحن سلبيا في أكثر من مناسبة، كان يـٌـــنتظر من الدول الغربية أن تفعل الشيء ذاته مع جارتهم الصغيرة في جنوب المتوسط، مع أن هذه الدول الغربية نفسها لم تتأخر عن دعم مصر، لاعتبارات مختلفة من دولة إلى أخرى، وإن كانت إسرائيل وأمنها نقطة يشترك فيها الكل.
وذكّر “محمد كريشان” بما قاله الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في زيارته الأخيرة إلى واشنطن قبل أشهر قليلة «نقول لجميع أصدقائنا الذين لا ينفكّون يشكروننا على إنجازاتنا ونجاحاتنا: حسناً، ما زلنا شديدي الهشاشة، وسوف تنهار هذه الإنجازات والنجاحات إذا لم يتحسّن الوضع الاقتصادي. سوف نُخرِج تونس من هذا الوضع الصعب، ونأمل بأنها لن تكون وحيدة. في هذه المرحلة التي نواجه فيها صعوبات، هل تريدون أن يقف الجميع مكتوفي الأيدي ويتفرّج علينا؟»…
وختم “كريشان” مقاله بالقول إنّه “إلى حد الآن، هذا هو الحاصل فعلا للأسف.”
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء