الخنساء باطما: سيدة الروك الأولى في المغرب

ناضجة أكثر من أي وقت مضى، قصة شعر قصيرة جداً، سترة معاد تدويرها وبنطال جينز. هكذا كانت تبدو الخنساء باطما، في لقاء لرصيف22 معها في شهر أبريل، خلال مرورها في القاهرة لافتتاح مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة.
بدأت حديثها عن اللغة الفرنسية التي تتقنها جيداً، لكنها لا ترغب في الغناء بها، مفضلة اللغة العربية، قالت: "هذه اللغة رائعة جداً، تتيح لي الحرية في اللعب بالكلمات، ولا تفرض مقاطع معينة".
الخنسا باطما
ستغني الخنساء باطما لأول مرة باللغة العربية في ألبومها الجديد، الذي عملت عليه لمدة سنتين، كما ستغني باللهجة الأمازيغية. وأكدت أن هذا الألبوم مختلف عما سبق، ويحمل مواضيع جديدة، لأنها هي نفسها تغيرت. "في وقت ما أعدت حساباتي وفهمت أشياء كثيرة، فغيرت بعضاً من الأغاني، وألغيت بعضها الآخر"، تضيف. وعن الأمازيغية، قالت: "لا أتحدث بها رغم أن والدتي أمازيغية، أشعر بالخجل!"، وهذا ما جعلها تفكر في إيجاد حلول والتعرف أكثر إلى الثقافة الأمازيغية. توضح باطما: "أدرك جيداً أنني أنتمي لشمال أفريقيا، وأصولي عربية وأفريقية، لكنني لا أنكر أيضاً الجانب الأمازيغي، وسأقوم بتكريمه عبر الموسيقى، هذه الهوية جزء كبير من تاريخ المغرب، ومن لا يعرف ماضيه، لا مستقبل له"∙

تأتي باطما من أسرة فنية عريقة في المغرب، هي ابنة محمد باطما مؤسس فرقة "لمشاهب" وسعيدة بيروك المغنية في الفرقة. وعمها العربي باطما من فرقة ناس الغيوان الشهيرة. وقد قاموا بثورة موسيقية في المغرب في السبعينات.
ورغم أنها متشبعة في الفن المغربي والتراث، اختارت الخنساء طريقاً مختلفاً تماماً، واتجهت إلى موسيقى الروك، مع مزجها بألحان شرقية ومغربية. وعن مشاركتها في مصر، في ثاني حفل لها في "الأرض المقدسة"، كما تحب باطما أن تصفها، تقول: "وافقت فوراً على المشاركة لأنني تربيت على الثقافة المصرية، وأعتقد أن لدينا علاقات خاصة مع هذا البلد، ثم إن أبا الهول بجوارنا!".
قد يعتقد البعض أن اللهجة المغربية عائق، قد لا يفهمها كثير من المشرقيين، لكن الخنساء باطما كانت تشرح كل أغنية على حدة، لتسهل المهمة على جمهورها. وتفاعل معها الأخير، وكان البعض يردد: "مش فاهم حاجة لكن حلوة جداً". أبدت باطما تقديرها لهذا النوع من المهرجانات المعاصرة، التي لها قيمة ثقافية وأدبية، ولا تعمل فقط من أجل العرض التجاري. تقول: "مهرجان ثقافي أو لا، سأغني في المكان الذي فيه جمهوري، في الشارع إن لزم الأمر، الأهم أن أمتع نفسي لأمتع الآخرين"∙


الروك حرية

الخنسا باطما
الخنساء باطما أيضاً مناضلة ومتمردة، وتكاد تكون الفنانة الوحيدة التي شاركت في تظاهرات 20 فبراير 2011، التي كانت تنادي بالإصلاح والحرية. هذه الفنانة الباطماوية، قادمة من الحي المحمدي، وهو أحد أشهر الأحياء الشعبية في الدار البيضاء، ونشأ فيه عدد من المشاهير المغاربة. إيمانها بالحرية دفعها إلى اختيار موسيقى الروك، التي تسمح لها بالتعبير عن أفكارها ورغباتها بكل عفوية. وهذه الأفكار نابعة من مسائل تعيشها الخنساء باطما، ونعيشها نحن أيضاً، سواء في المغرب أو أي مجتمع عربي آخر.
هي تعرف تماماً كيف تعبر عما نحس به، عن المشاكل التي نواجهها وعما يدور في رأسنا. وتطرح أيضاً القضايا الإنسانية والاجتماعية في المجتمع المغربي بمباشرة تدفع ثمنها أحياناً، إذ عانت، مثل والدها وأعمامها، من منع بعض أغانيها على الإذاعات المغربية عام 2003.

موسيقاها مزيج من الروك والاسيد روك والروك الشرقي، العربي، الأفريقي والأمازيغي. هي مزيج من الثقافات والهويات. تقدم الخنساء باطما نفسها كفنانة شاملة ومتعددة المواهب، تحاول قدر مستطاعها أن تؤثر بالإيجاب على متابعيها ومعجبيها، بتبنيها قضايا تهم الجميع كالبيئة، وقد اختارها مكتب الصندوق العالمي للطبيعة كسفيرة له. عن ذلك تقول: "أنا ممن يلتزمون القضايا النسوية وحقوق الإنسان، لكن يجب أن لا نغفل موضوع البيئة، فهو أهم من كل شيء. لأنه في حال حصول كارثة بيئية، سنكون نحن ضحاياها".
يذكر أن الخنساء عملت بعض الوقت في عرض الأزياء، فكانت وجهاً معروفاً على أغلفة المجلات، وهي أيضاً ممثلة شاركت في أعمال مغربية عدة∙

الكاتب :سارة الرّايس

سارة الرّايس
شكرا لتعليقك