المرأة في السينما.. نمذجة وتنميط


عند الحديث عن المرأة في السينما تتبادر إلى الذهن صور مارلين مونرو وبريجيت باردو وصوفيا لورين عالميًا، بينما عربيًا قد تحتل كل من فاتن حمامة وسعاد حسني وتحية كاريوكا وزميلاتهن من ممثلات الزمن الجميل الصدارة.
تراوحت أدوار المرأة في السينما بين الأنثى المغوية والأنثى البريئة
ومنذ أن أخذت المرأة حيز البطولة في الأفلام السينمائية وأدوارها تتراوح بين نموذج الأنثى المغوية، والأنثى البريئة الطيبة، لا سيما في أفلام السبعينيات التي لا تخلو من أحد هذين النموذجين، إذ كان هدفها في تلك الفترة هو النزول إلى الساحة متصارعة مع الحياة كاسرة كل ما يكبل حريتها، ويحد من حقوقها في الحياة، فما كان لها -من فرط الحماس- إلا أن تظهر في هيئة إحدى المتضادتين إما قديسة أو عاهرة.




وما عدا تسريحات الشعر وألوان الأبيض والأسود، غالبًا ما يجد متابع السينما القديمة تشابهًا كبيرًا من ناحية تحول المرأة إلى سلعة لجذب الأبصار، إذ ليست مصادفة أن تجد أغلب جميلات سينما ما بين الخمسينيات والثمانينيات بوضعيات مغرية على ملصقات أفلامهن، حيث ترضخ النساء لفكر غالبية الرجال الذين يتحكمون في أبسط تفاصيل المجتمع منذ عشرات القرون، وهي ذاتها الغالبية التي تتحكم فيها وتحاول تأطير دورها في تلك الآلة التي يلهثون ويتصببون عرقًا عند مشاهدتها، فكانت إما عشيقة أو حبيبة، خائنة لعوب أو طيبة نقية يحظى بها البطل، تلك كانت ضرورة في غالبية الأفلام.أدت سيطرة الفكر الذكوري على السينما إلى نسيان المرأة لثورتها، وتحولها إلى جسد استعراضي جعل أقصى آماله الظهور على الشاشة متناسيًا العقل والتعبير والإبداع لديها، لا يغني هذا عن وجود أمثلة خرجت عن هذا السياق وآمنت بوجودها وموهبتها، وأمثلة أخرى عانت من هيئتها وأدوارها مثل مونرو التي اعتبرت أسطورة السينما الأمريكية، وأيقونة الإغراء والجاذبية في عصرها وعصرنا، وبالرغم من الرخاء المعيشي الذي وصلت إليه لطالما أعبرت عن سخطها من حالتها وإحساسها بكونها مجرد إنتاج سينمائي متقن الصنع.


أدت سيطرة الفكر الذكوري على السينما إلى تحويل المرأة إلى جسد استعراضي
سنجد أيضًا دور المرأة المغوية الشريرة قد كان حاضرًا بقوة، وهي تلك التي تستغل جمالها لمصلحتها، والمستمتعة دائمًا بتحطيم كل القلوب دون أدنى رحمة، وغالبًا ما تنتهي حياتها كحياة عشاقها بمأساة كبيرة، هذا الدور والأدوار التي سبق ذكرها تُظهر المرأة نموذجًا يعتمد على الإغراء، الجاذبية أو الجسد في أسوأ الأحوال، كي تحظى بحياة هانئة، أما المرأة الطبيعية فنادرة الظهور على الشاشة، وإن ظهرت لابد من أن يكون الدور ثانويًا.

على الرغم من أن هذا التنوع في الأدوار أثرى السينما وجعل غالبية الأفلام تحظى بنسب مشاهدة كبيرة ظاهريًا بسبب نجاح الفيلم، وباطنيًا بسبب وجود النماذج المذكورة، إلا أنه جعل المرأة تبدو كمن يبحث عن أحد يحطمه، الشيطانة تبحث عمن يروضها، والطيبة تبحث عمن يدفنها في طيبتها، أو مواقف شرقية ذكورية بحتة ظهرت لدى غالبية الأفلام العالمية والعربية على السواء، بينما النماذج الشعبية المتواضعة والحالمة لم تظهر، أو ربما لم تشتهر كي يتسنى لنا رؤيتها، لذا من البديهي تذكر مونرو وباردو وكاريوكا بضحكتهن الجاذبة عند الحديث عن السينما.

شكرا لتعليقك