تنتشر في الدول العربية مجموعة من العادات والتقاليد الغريبة المتعلقة بالمرأة، بعضها بات مذموماً ومرفوضاً، في حين ما زالت عادات متعارف عليها تحقق أحياناً انتشاراً كبيراً بين فئات اجتماعية معينة، وفق البيئة الاجتماعية والثقافية.
في تحليله الاجتماعي للعادات المتعلقة بالنساء في العالم العربي، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة، الدكتور حسين محادين: "المعروف أنّ العادات والتقاليد هي الأبطأ في التغيير والتبدل، ومن هنا يمكن فهم تلك العادات المتعلقة بالمرأة".
ويضيف: "الموقف تاريخياً تجاه المرأة في المنطقة العربية لم يكن منصفاً، ولم يحترمها في معظم الأحيان، بل بقيت عرضة للتمييز والمعاملة الدونية نتيجة سيطرة الفكر الذكوري".
كرية العامة لدى العرب، والتي تتعامل مع المرأة على أنّها شيء مملوك ولا قيمة لمشاعرها، كما أنّه يحدّد مفهوم الشرف بمساحة ضيقة من جسد المرأة ". ويكمل محادين: "يوجد حاجة ماسة اليوم لرفع الوعي وتوسيع قواعد المعرفة لدى الشباب العربي لتغيير هذه الأفكار المغلوطة والتقليدية المتعلقة بالمرأة، التي تنتزع إنسانيتها وتعاملها باعتبارها مملوكة".
اسم المرأة عورة والعروس كريمته
يُعدّ اسم المرأة لدى بعض الفئات في المجتمعات العربية "عورة"، إذ يخجل الرجل من الإفصاح عن أسماء محارمه (الأم والزوجة والشقيقة). ونتيجة لذلك يتمّ إخفاء اسم المرأة عن أكثر الأمور ارتباطاً بشخصها، كبطاقة دعوة لحفل زفاف أو إعلان وفاة. ويعدّ أمراً طبيعياً في الدول العربية، أن تتلقى بطاقة دعوى لزفاف يكتب فيها اسم العريس بخط عريض، أما اسم العروس فيتم إخفاؤه، واستبداله بمصطلح "كريمته".
في مقال له بعنوان "دعوة لمقاطعة حفل زفاف كريمته"، يقول المحامي محمد الصبيحي، "حين تولد فتاة نفرح بقدومها، ونبدأ التسابق لاختيار اسم جميل يليق بالعائلة، ويجري التشاور فيه حتى مع الجيران. وحين تكبر وتصبح في سن الزواج، نخجل من اسمها ونخفيه عنها وعنا وعن الناس، حتى في يوم فرحها. فأي إكرام هذا الذي يدعيه كثيرون منا لبناتهم؟".
يرى الصبحي أنّ هذه "العادة لا ترتبط بالدين، لا سيما أنّ الرسول كان ينادي ابنته فاطمة باسمها، وكان الصحابة ينادونها باسمها، كذلك الحال مع زوجته السيدة عائشة".
يمتد الشعور بالخجل من اسم المرأة إلى أبعد من ذلك. إذ يخجل البعض من نشر أسماء محارمهم من الموتى. فمن الطبيعي أن تجد إعلان وفاة في الصحف يغيب فيه اسم المرأة المتوفاة، ويتم الاكتفاء بذكر إعلان وفاة الحاجة زوجة فلان، أو شقيقة فلان.
الدخلة البلدي
هي فض بكارة العروس باليد أو ما يعرف في مصر بـ"الدخلة البلدي". تنتشر هذه العادة في صعيد مصر، لكنها باتت قليلة حالياً.
في الدخلة البلدي تجبر العروس على الاستلقاء على فراش الزوجية، في حضور والدتها والعريس ووالدته أو أخته، وتحضر أحياناً قابلة تتولى القيام هي بالدور الرئيسي في المشهد عوضاً عن الزوج.
تقف القابلة أو الزوج قبالة العروس، يُرفَع عنها الفستان وتمتد يد من سيقوم وفقاً للتعبير الدارج بـ"أخذ الشرف"، وبإصبع ملفوفة بمنديل أبيض، يبقي الظفر ظاهراً، يفض غشاء البكارة. يُخرِج الزوج أو القابلة المنديل وعليه قطرات الدماء ويرفعه أمام الجميع فتعلو الزغاريد.
يقول محادين إنّ "الدخلة البلدي تُعدّ النموذج الأكثر وضوحاً للفكر العربي، الذي يحصر كل معاني الشرف والأخلاق والعفة بمساحة ضيّقة من جسد المرأة". ويضيف: "طالما كانت هذه المساحة محط اهتمام الشعوب والحضارات. ففي فترة سابقة كان جزء من البشر يعبدون الفروج، باعتبارها مصدر حياة ونتيجة للانبهار بفكرة الولادة".
جرائم الشرف
جرائم الشرف مصطلح معروف ورائج في الدول العربية، لكنّه يُشكّل صدمة للشعوب الأخرى. تعرّف هذه الجرائم بأنها عمل انتقامي بقصد قتل أو ما دونه، يقترف من قبل أفراد الأسرة على فرد أو أكثر، أو من خارجها، بذريعة الحفاظ على سمعة العائلة ومكانتها الموروثة. وبالرغم من أنّ هذه الجريمة قد تكون ضحيتها من كلا الجنسين، فإنه في الغالب تكون الضحية هي الأنثى.
يرى محادين أن "ما يُسمّى جرائم الشرف في العالم العربي، يعكس ازدواجية المعايير في الثقافة، خصوصاً أن الضحية غالباً تكون من النساء، في حين يبقى الرجل خارج إطار المحاسبة أو اللوم".
وتُعدّ الجرائم باسم الشرف، نوعاً من أنواع العنف ضد المرأة، كما صنّفتها منظمة الصحة العالمية، حين أصدرت عام 2002 تقريرها حول العنف والصحة. وتشير تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى ارتكاب 5000 جريمة قتل في حق النساء، تحت ذريعة شرف العائلة في العالم بشكل عام، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا بشكل خاص.
في الأردن مثلاً يراوح متوسط جرائم الشرف بين 17 و 25 جريمة سنوياً. وبحسب الناشطة ليلى نفاع، شهد العام 2007 نقلة نوعية في التعامل مع هذه القضايا، لا سيما بعد استحداث محاكم خاصة للنظر فيها. وقد ارتفع متوسط الحكم في جرائم الشرف ليصل إلى ما بين 8 و 12 سنة، وفي بعض الأحيان 20 سنة، بينما كان الحكم الأقصى سابقاً 3 سنوات.
تبييض العرض
يعتبر من الأحكام المتعارف عليها في القضاء العشائري الأردني، ويتمّ الأخذ به في عدد من دول بلاد الشام، تحديداً في المجتمعات العشائرية.
يقول الصحافي المتخصص في الشؤون العشائرية زايد الدخيل: "حظيت المرأة في القضاء العشائري بنصيب وافر من هذه القوانين، كفلت لها سلامتها والمحافظة على شرفها وكرامتها، وأبقت لها مكانتها السامية كرمز للعفة والطهارة، لتجسيدها لشرف العائلة وكرامة القبيلة".
ويضيف: "القضاء العشائري شدد على موضوع العرض والشرف، وفرض غرامات عالية وجزاء صارماً ورادعاً، لمن يتعرض للنساء تحديداً في شرفهن، ومن ضمن تلك الأحكام ما يعرف بتبيض العرض".
ويوضح: "في حال اتهام امرأة زوراً بشرفها، وتبين لاحقاً أنها بريئة، تقوم جاهة من كبار الرجال بتغطية منزل السيدة أو الفتاة بقماش أبيض، كإشارة إلى بياض عرضها وشرفها. وعلى الرغم من أن هذه العادة لها جذور تمتد إلى مئات السنين، فلا تزال ممارسة حتى اليوم". مضيفاً: "قبل سنوات قليلة، شاركت في جاهة تبيض عرض لامرأة، طعن زوجها في أخلاقها، وبعد أن فشل في إيجاد دليل، حكم القضاء العشائري للزوجة بتبيض العرض، لإزالة أي شبهة عنها".
زواج الفصيلة
في يوليو الماضي، تناولت وسائل إعلام عربية وأجنبية خبر منح عشيرة عراقية في منطقة البصرة 51 امرأة، كزوجات لعشيرة أخرى، لتسوية خلافات بين القبيلتين، في ما يعرف بالعراق وبعض الدول العربية الأخرى بـ"زواج الفصيلة".
لقي تصرف العشيرة انتقادات شديدة من زعماء دينيين ونشطاء في مجال حقوق الإنسان والمرأة، باعتبار أنّ ما تم ليس سوى إنكار لإنسانية هؤلاء النسوة، والتعامل معهن على أنهن بضائع أو أشياء مملوكة تباع وتشترى.
في هذا السياق، تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة رانيا الصرايرة إن "هذه العادة اختفت نوعاً ما، فهي لم تعد مقبولة اجتماعياً، بل مذمومة". وتضيف: "لهذه العادة أسماء مختلفة. ففي الأردن تسمى بغرة مدّى. ولا يتمّ التعامل مع الزوجة في حالات زواج الفصيلة كالزوجة العادية، إنما يتم التعامل معها بطريقة دونية، باعتبارها خادمة".
تعتقد الصرايرة أن "هذه العادة اندثرت في الأردن قبل عشرات السنين. وشكّل خبر التضحية بـ51 امرأة في العراق صدمة للناشطات العربيات في مجال حقوق المرأة. ومن المؤسف أن نكون قد بلغنا العام 2015 ولا نزال نفكر بهذه العقلية".
وبالنسبة إليها، يمكن القول إنّ "هذه العادة شهدت تطوراً كبيراً. ففي حين كانت سابقاً سبباً لوقف هدر الدم، نرى اليوم فتيات، ومنهن قاصرات، يتم تزويجهن بخلاف رغبتهن مقابل إسقاط دين عن الأب والأخ. وهذه الجريمة لا تختلف عن جريمة زواج الفصيلة".
تزويج الأرملة من شقيق زوجها
تنتشر هذه العادة في غالبية الدول العربية، وتعود جذورها إلى آلاف السنوات، بل هي مذكورة في سفر التثنية في التوارة: "إذا سكن إخوة معاً ومات واحد منهم، وليس له ابن، فلا تَصِر امرأة الميت إلى خارج لرجل أجنبي. أخو زوجها يدخل عليها، ويتخذها لنفسه زوجة ويقوم لها بواجب أخي الزوج. والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه الميت، لئلا يُمحى اسمه من إسرائيل".
وبالرغم من أنّ هذه العادة كانت مقبولة قبل عقود، لأنّ الهدف الأسمى منها أن ينشأ أطفال المتوفى ضمن محيط أسرة والدهم، فإن رفضها بدأ يظهر مع ارتفاع نسب التعليم لدى النساء.
وتشكل حالة منتهى واحدة من حالات كثيرة لنساء تزوجن من أشقاء أزواجهن، وتقول: "بدايةً، لم أتقبل كيف أن شقيق زوجي، الذي عاملته طوال عشر سنوات كأنه شقيقي الأصغر، أصبح فجأة زوجاً لي. بعد الزواج ساءت علاقتنا كثيراً. هو كذلك شعر بالظلم، لأنه أُجبر على الزواج بامرأة تكبره، ولا يشعر نحوها بأي انجذاب، شبح زوجي السابق كان يلاحقنا دوماً".
وتضيف: "بعد نحو عامين من الزواج تزوج بامرأة ثانية، علاقتنا حالياً لا يمكن وصفها بالزوجية، نحن زوجان على الورق فقط".
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء