(تنويه: تحتوي هذه المقالة على كشف لأحداث الحلقة)
أعتقد أن الكثيرين يشعرون مثلي باﻹحباط من التذبذب الشديد الذي يعصف بمسلسل Game Of Thrones والتفاوت المؤسف في مستوى حلقاته كتابةً وإخراجًا من حلقة لحلقة، فبعد إعجابي الشديد بالحلقة الرابعة، ورضائي بشكل عام حتى مع بعض التحفظات على الحلقة الخامسة، جاءت الحلقة السادسة التي حملت اسم Blood of My Blood كبقعة جرداء بائسة من العالم بلا زرع ولا ماء ولا حتى صبار!
لا أنكر أن التتابع التكشفي الذي تنتهي به الحلقة الخامسة حول حقيقة هودور وحقيقة هذه الكلمة نفسها والمهمة التي كرس حياته بأكملها من أجل تنفيذها هو بكل تأكيد تتابع لا يُنسى، لكن العودة ﻹنقاذ بران ستارك ورفيقته ميرا مرة أخرى وفي اللحظة اﻷخيرة مجددًا على يد العم بنجين ستارك هذه المرة الذي اختفى طيلة المواسم الماضية لم يكن بالشيء المستساغ دراميًا أن تعود شخصية كانت محفوظة في اﻷدراج كل هذه الفترة حتى امتلأت بالتراب ثم يقرر صناع المسلسل فجأة إظهارها من جديد فقط ﻷجل إنقاذ بران وميرا.
لكن على صعيد آخر، يواصل المسلسل من خلال هذا الخط نبشه المستمر في الماضي حتى لو كنا لا نعرف بعد كيف ستؤثر تلك الاكتشافات المتتالية عن الماضي على سير اﻷحداث، وهذه المرة ننفذ إلى شذرات متناثرة وغير مترابطة ترينا للمرة اﻷولى الملك المجنون الذي طال الحديث عنه طوال المواسم الماضية، ولحظة قتل جايمي لانيستر له، مع شذرات عن السائرون البيض وماضي والده نيد ستارك، وربما ستكشف الحلقات القادمة عن روابط بين هذه الخطوط المتباعدة.
إنه الخط الذي ظل على الهامش طوال هذا الموسم فيما عدا مشهد واحد عابر وغير مؤثر في إحدى الحلقات السابقة، وهذه المرة يحصل على النصيب اﻷكبر من كعكة الحلقة، حيث هذه ربما هي المرة اﻷولى التي نتعرف خلالها عن قرب على تاريخ سام تارلي مع عائلته.
لكن ما يثير غيظي أنه قد قطع كل هذه المسافة سفرًا إلى بلاد عائلته فقط لكي يسمع ما اعتاد سماعه طوال حياته من والده القاسي الجاحد الذي يكرهه ويمقته، فيقرر كاتب الحلقة أنه لا يجب أن تضيع هذه الرحلة الطويلة سدى، وبناء عليه يجب أن يستحوذ عنوة على السيف الذي توارثته عائلته على مدار 500 عام لكي يكون هناك داعي لهذه الرحلة الطويلة.
تصل آريا ستارك بعد طول تردد لقرارها النهائي، وهو أنها لن ترضخ لما هو مطلوب منها وتنقذ الممثلة في اللحظة اﻷخيرة من موت محقق، لكن هناك سؤال: لماذا استدعى اﻷمر فرد مشاهد هذه المهمة على حلقتان متتاليتان إلا بغرض "المط" فقط، صحيح أن خاتمة تتابع برافوس مثيرة جدًا حينما تستعد للقتال في الظلام بسيفها اﻷثير، إلا أن طريقة فرد قماشة اﻷحداث كانت مزعجة للغاية.
حاول صناع المسلسل بشتى الطرق بناء هذا الخط داخل السلسلة على نحو تصاعدي لكي نندهش من المفاجأة الختامية الممثلة في تحالف الملك تومين وزوجته مع العصفور اﻷعلى، حيث القطع المتوالي بين وشوك مارجري على شروعها في القيام بمسيرة العار المحتومة، وبين حراك القوات لمحاصرة العصفور اﻷعلى وبقية رجاله، لكن ما لا يعرفه صناع المسلسل أنه لم يكن اﻷمر ثمة مفاجأة وأن كل هذا البناء التصاعدي قد ذهب سدى، بل إنه كان متوقعًا بحكم ما نعرفه من طبيعة تومين الهوائية والمهزوزة الذي يتمايل كجذع مخوخ بين كافة اﻷهواء.
أعتقد أنه كان من اﻷفضل تسمية هذه الحلقة "عودة الغائبين"، وبعد عودة جانجي ستارك، يعود هنا أيضًا والدر فاري الذي اختفى تمامًا من المسلسل في الموسمين السابقين، ونراه قابعًا كالعادة وسط "حريمه" ويصرخ في أبنائه بسبب فقدان ريفررون على يد بريندين تالي، لكن ليست هذه المفاجأة، المفاجأة الحقيقية هي ظهور إيدمور تالي ابن عم الملك الراحل روب ستارك من جديد بعد أن ظنناه قد مات مع من مات في مذبحة الزفاف اﻷحمر في خاتمة الموسم الثالث، وأنه كان طوال هذا الوقت أسيرًا لدى فاري، لكن السؤال: لماذا ظهر اﻵن بالذات؟ أتساءل بالطبع عن الدافع الدرامي.
هذا التتابع ما هو إلا زائدة دودية لا تؤدي أية وظيفة في الجسم يمكن استئصالها جراحيًا دون أن يتأثر أي شيء، فهذا المشهد لا يقوم بأية وظيفة درامية تذكر في الحلقة سوى بأن تضيف خطًا جديدًا تحت الخطوط السابقة حول كون دينيريس تاريجريان هي أم التنانين، نعم لقد وصلت الرسالة بالفعل عشرات المرات من قبل، هل نحن في حاجة لكي نراها مرة أخرى وهي تركب على ظهر التنين وتبرطم لغويًا بمدى قوتها وجبروتها، إنه تتابع لا يهدف سوى لاستعراض العضلات لا غير.
عن هذه الحلقة:
في أغلب الظن، تفويت مشاهدة هذه الحلقة لن يحدث أزمة كبرى، فهي ليست فقط الحلقة اﻷكثر سوءً في الموسم، بل واﻷكثر خواء أيضًا.
الكاتب :محمود راضي
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء