مخرجون فلاسفة -الدانمركيي لارس فون ترير (Lars von Trier)-



ولد لأسرة ملحدة (توصيف ذو مغزى بالنظر الى ثيمة الاضحوية والمسيحانية المتكررة في أفلامه) شمال كوبنهاغن. وكانت حياته بيتوتية مثيرة للاهتمام، وغالبا ما يقضي إجازته في معسكرات العراة والأماكن الغريبة الأخرى. تخرج من مدرسة للسينما من الدنمارك ونجح سريعا بفضل صوره وثيماته الصريحة دون مواربات. 
فون ترير يصدم مشاهديه بطريقة تجعلهم يتشككون في الحقيقة التي يعرفون ويستجوبون أسباب أي رقابة أو ادعاءات أخلاقية (غالبا ما تتعرض أفلامه لاشكاليات رقابية ومساءلات) .

أفلامه استفزازية فلسفيا أيضا. ففيلم سوداوية Melancholia يقوم على فلسفة هايدغر وشوبنهاور ونيتشه. وشبق Nymphomaniac الذي يحور رواية إسحاق والتون (أكمل صياد، 1594) إلى يوميات من الهواجس والإدمان واليأس والاكتئاب، ويحتوي على كم من المشاهد الجنسية المباشرة بشكل غير مسبوق في السينما العالمية. لارس فون ترير أيضا هو مؤسس حركة دوغما 95 مع توماس فانتربرج . كانت الفكرة التي قامت عليها جماعة الدوغما هي أنه يمكن صناعة الأفلام بدون الاعتماد على السلطات أو الميزانيات الضخمة، حيث يتم الاعتماد بدلاً من ذلك على المنح الحكومية الأوروبية ومحطات التلفاز، وكان الهدف هو تنقية صناعة السينما عن طريق نبذ المؤثرات البصرية الخاصة المكلفة، وعمليات التحسين التي تأتي عادة في مرحلة ما بعد الإنتاج Postproduction، بحيث يجبر صناع الأفلام على التركيز أكثر على القصة الفعلية وآداءات الممثلين، بما يساعد الجمهور - من وجهة نظرهم – على الاندماج أكثر مع عملية السرد والمواضيع المطروحة والحالة العامة للفيلم. تركز كل أفلام ترير على الفراغ والعدمية، على الرغم من بعض تفعل ذلك أكثر من غيرها. 

كل فيلم تقريبا يخرجه لارس فون ترير يتركز حول فعل التضحية الذاتية لامرأة. والمثال الأكثر جذرية هو فلمه المدر للدموع (راقصة في الظلام). حيث نجد أنفسنا مقحمين بطريقة متعمدة للتماهي مع الصفقة الاضحوية التي تنفذها البطلة ـ حين تقدم حياتها ثمنا لإنقاذ بصر ابنها. و بمصطلحات بناء الحبكة، نجد قلبا كاملا لهذه الحبكة في فيلمه (دوغفيل) والذي لا يقل دوغمائية، حيث الأنثى الضحية قادرة على العودة إلى مركز السلطة الجنائية الأبوي – وتستجيب له حين يأمرها بمسح المعذبين (أهل القرية) عن وجه الأرض حتى آخر رجل وامرأة وطفل. ولمن يحب المسرحيات الموسيقية، يمكنه أن يبدأ من (راقصة في الظلام ) كبوابة لأفلام فون ترير الفلسفية.

أماني أبو رحمة

شكرا لتعليقك